(فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ)
الوقت هو الزمن الذى يعيشه الإنسان على الأرض فإذا غادر الدنيا تنتهى علاقته بالوقت وينتظر الجزاء من ربه فإما سعادة أبدية سرمدية فى الجنة وإما شقاء وبؤس لا يزولان فى النار
الوقت هو القانون الإلهى الذى حكم الله به على المخلوقات فى الدنيا فكل ما نراه امامنا يفنيه الزمان الذى وقّته الله به حتى تكون نهاية الدنيا ومن عليها
إن الله عز وجل يشير فى القرآن إلى أهمية الوقت والسؤال الموجه إلى كل فرد يوم العرض على الله تعالى وهو سؤال شامل لأبناء ادم كلهم عن الوقت
لقد خلق الله عز وجل السماوات والأرض فى ستة أيام وهو سبحانه وتعالى قادر على أن يخلقها فى لمح من البصر أو أقل وأراد سبحانه وتعالى أن يلفت الانتباه إلى عظم الوقت وأهميته وأنه إن مضى فإنه لا يعود أو يتوقف وفى أكثر من موضع فى كتاب الله تعالى يُقسم عز وجل بالوقت ليبين لنا فى أعظم دلالة وإشارة إلى مكانة القسم به فأقسم سبحانه بالعصر وبالليل والنهار وبالفجر وبالضحى
أقسم الله تعالى بالعصر الذى هو الزمن لما فيه من الأعاجيب لأنه يحصل فيه السراء والضراء والصحة والسقم والغنى والفقر ولأن العمر لا يقوّم يشىء نفاسة وغلاء فلو ضيعت ألف سنة فى ما لا يعنى ثم ثبت وثبتت لك السعادة فى اللمحة الأخيرة من العمر بقيت فى الجنة أبد الأباد
أقسم الله بالوقت ونبه إلى أن الليل والنهار فرصة يضيعها الإنسان وأن الزمان أشرف من المكان فأقسم به لكون الزمان نعمة خالصة لاعيب فيها انما الخاسر هو الإنسان
يزخر القرآن الكريم بالأمثلة والدلائل على قيمة الوقت(وَجَعَلْنَا الّليْل وَالنَّهَار أيَتَيّن فَمَحَوْنَا أَيَةَ اللَّيْل وَجَعَلنَا أَيَةَ النّهَارِ مُبّصِرةً لِّتَبتَغُوا فَضلاً من رَّبَّكُم ولتَعلَمُوا عَدَدَ السّنِينَ وَالحِسَابَ وَكُلَّ شَىءٍ فَصَّلّنّاهُ تَفصِيلاً)-الإسراء12
وجعل الله سبحانه وتعالى استغلال الوقت فرصة للإيمان والعمل الصالح وسبباًللسعادة فى الدنيا والأخرة
إن تحديد الشارع الحكيم فروض الإسلام وجعلها فى أوقات محددة وأزمنة مخصوصة ومنظمة هو فى حد ذاته تنظيم لعلاقة المسلم بربه ليكون مرتبطاً به سبحانه فى جميع أوقاته كلها فما الصوات الخمس فى اليوم والليلة إلا ابرع وأدق تنظيم لوقت المسلم ليكون كله لله تعالى
كذلك الصيام والحج والزكاة والأضحية وزكاة الفطر والمسح على الخفين وغيرها من فرائض وسنن الإسلام إلا لبيان أهمية الوقت ولحكمة معلومة أو لحكمة تعبدية أخفاها الله سبحانه وتعالى
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ)
ومعنى مغبون فيهما كثير من الناس أى ذو خسران فيهما كثير من الناس المقصود أن أغلب الناس لا ينتفعون بالصحة والفراغ بل يصرفونهما فى غير محليهما فيصير كل واحد منهما فى حقهم وبالاً ولو أنهم صرفوا كل واحد منهما فى محله لكان خيراً
من استعمل فراغه وصحته فى طاعة الله فهو المغبوط
ومن استعملهما فى معصية الله فهو المغبون
*************************************