عندما أقرأ عن أبو العلاء المعرى -وهيلين كيلر أجد أن الإثنين فقدا البصر مبكراً والاثنان تحمّلا مهمة توعية وتذكير البشر بما يملكون من نعم
نعم لايقدّرونها كما يجب وفى حين قضت هيلين العمياء البكماء الصماء حياتها تؤلف الكتب وتطوف العالم لتلقى المحاضرات عن حياتها حتى لتبدو معاناة الحاضرين محض أكذوبة إلى جانب معاناتها
فإن المعرى اعتكف فى منزله أربعين عاماً لم يخرج فيها سوى مرة واحدة عندما دعاه قومه ليشفع لهم عند (أسد الدولة بن صالح بن مرداس) صاحب حلب وكان خرج بجيشه إلى المعرّة ليخمد حركة عصيان أهلها فخرج أبو العلاء متوكئاً على رجل من قومه فلما علم صالح بقدومه إليه أمر بوقف القتال وأحسن استقباله
كانت هيلين تقول بودى لو أن كل إنسان فقد حاستى النظر والسمع لفترة حتى يعرف قيمتهما فإن المعرى كان يرى أن الناس هم العميان لذا عليهم مساعدة العميان إذا مروا بهم لإنهم مثلهم فى الحقيقة
وقد وصل ما ألفه من كتب ومؤلفات إلى 67 الف كتاب
كانت هيلين مولعة بالقراءة وكانت تقول -إن الكتب بخلاف الناس لاتتعب ولا تتضايق فتظل تحدثنى المرة تلو الأُخرى عما أود معرفته
وكان المعرى يرى أن الحيوانات أفضل من البشر من حيث الأخلاق ومفهوم السعادة فيقول لم يحدث أن عيّرت الطيور الغراب بالعرج كما يقول الناس لبعضهم ياأعمى -يا أعور-يا أحدب والإنسان يثير الحروب والحيوان لايفعل
الاثنان عاشا عمراً مديداً وصل إلى الثمانين وحياتهما حافلة بالعبر
هناك جملة جميلة من هيلين تقول: عندما يوصد فى وجهنا أحد أبواب السعادة ينفتح لنا العديد من الأبواب الأُخرى ولكن مشكلتنا أننا نضيع وقتنا ونحن ننظر بحسرة إلى الباب المغلق ولا نلتفت إلى ما فتح لنا من أبواب