بعض العقوبات المعجلة من الغنى من الحرام

شيخنا الغزالى -رحمه الله- يقرر أن الغنى من حرام يرتبط به الكثير والكثير من الظلمات العاجلة فى الدنيا مثل
-الظلمة الأولى..ان الغنى من حرام يستتبع ظغيانا ماديا يطيش بألباب اصحابه كما يطيش الخمر برؤوس السكارى حيث تصور لهم الدنيا أشباحا متراقصة وحقائق متقطعة ووقائع لا يمسكها العقل إلا كما تمسك الغرابيل الماءوفى ظل هذه السكرة يعيش هؤلاء نوعا من الفرح الخبيث ومن ثم كانت حياة هؤلاء اشبه ما تكون بالمستنقع الراكد الذى تهيج منه جراثيم المرض وتنبعث منه روائح الخبائث ولما كانت عدوى الفساد سريعة الانتشار فإن الخوف يكون على الأمة كلها وهو ما قد يفضى بالأمة كلها الى الضياع والهلاك ولقد صدق الله العظيم حيث قال:"وَاذَا أُرِدنَا أَنْ نُهْلكَ قَرْيَةٌ أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدَّمِيرَا" الاسراء 19

- الظلمة الثانية..أن الأغنياء من حرام يكونون أشد ضنا بالخير على شؤون الوطن والمجتمع فقلما تظفر بأموالهم نواحى البر وجهات الخير مع طول الانتظار وحرقة الظمأ حتى وإن شاهدوا النوائب الطامة وألوان البأساء والضراء تنزل بالأمة حيث لا تزيدهم هذه الأحزان إلا قذارة يد وقسوة قلب ومن ثم اقسم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخسرانهم حينما قال :هم الأخسرون فلما سئل من هم يا رسول الله قال صلى الله عليه وسلم الأكثرون اموالا إلا من قال هكذا وهكذا..من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله وقليل ما هم وحيث يتوجس أصحاب الغنى من حرام خيفة على مستقبلهم فإنهم قد يفكرون فى التخفيف من غلواء شحهم على الخير والبر فيكونون اشبه باللص الذى ينوى المتاب مخافة السجن ثم يغريه ضعف الملاك وغفلة الشرطة فيظل على اجرامه

-الظلمة الثالثة-ان اصحاب الغنى من حرام هم دائما خصوم الحق فى كل مكان وزمان وينأون عن كل دعوة للإصلاح متخذين صفة المعارضة الخسيسة

- الظلمة الرابعة..ان اصحاب هذا النوع من الغنى يرجعون غناهم الى اصطفاء الله لهم بالغنى واختصاصهم بالنعم وان الاستمتاع بها حكرا عليهم وليس للفقراء قال الله تعالى:"وَاذَا قِيلَ لهُمْ أَنفقُوا ممَّا رَزَقَكمْ الله قَاَلض الَّذِين كَفَرُوا للَّذينَ اَمَنُوا أَنُطْعَمُ مَنْ لَوْيَشَاء الله أَطّعَمَهُ" يس 47 وبذلك كان هؤلاء ابعد الناس عن الايمان بالمساواة بين البشر ويقترون بالغرور والغطرسة

-الظلمة الخامسة..ان اصحاب الغنى من حرام يقوم لديهم التفاوت المالى مقام التفاوت الفكرى لذلك يستنكرون بروز النابغين من الطبقة الفقيرة بل وتوضع العوائق لعرقلة نموهم الفكرى

-الظلمة السادسة..ان اصحاب الغنى من حرام يعيش فى كنفهم فئة من الناس يزينون لهؤلاء الأغنياء كل قبيح ويرتكبون معهم كل الفضائح وهذا الصنف من الأتباع وان اعجزه فقدان الوسائل الى الغنى إلا انه يعيش حالة ذلك الذى رأى موكب قارون فاستيقظت فيه أطماعه فقال "يَالَيْتَ لَنَا مِثَل مَا أُوتِىَ قَارُون"القصص 79

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته