معاوية بن جاهمة السلمي: أنه استأذن الرسول – صلى الله عليه وسلم - في الجهاد معه، فأمره أن يرجع ويَبرَ أُمَّه، ولما كرر عليه، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ويحك.. الزم رجلها... فثمّ الجنة"
وفي الصحيحين عن أبي هريرة – رضي الله عنه - قال: جاء رجل إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم ، فقال: يا رسول الله ! من أحقُّ الناس بحسن صحابتي؟ قال: "أمّـك"، قال: ثم من؟ قال: "أمّك"، قال: ثم من؟ قال "أمّـك"، قال ثم من؟ قال: "أبوك" وهذا الحديث مقتضاه أن يكون للأم ثلاثة أمثال ما للأب من البر، وذلك لصعوبة الحمل ثم الوضع ثم الرضاع، فهذه تنفرد بها الأم وتشقى بها، ثم تشارك الأب في التربية، وجاءت الإشارة إلى هذا في قوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ } وأيضا لحاجة الأم للرعاية والخدمة في حال كبر سنها وضعفها وكان السلف الصالح من هذه الأمة أحرص الناس على البر بوالديهم. من ذلك أن أبا هريرة كان إذا أراد أن يخرج من بيته وقف على باب أمه فقال: السلام عليك يا أماه ورحمة الله وبركاته، فتقول: وعليك السلام يا ولدي ورحمة الله وبركاته، فيقول: رحمك الله كما ربيتني صغيراً، فتقول: ( رحمك الله كما بررتني كبيراً) أما عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه -فقد طلبت والدته في إحدى الليالي ماءا، فذهب ليجيء بالماء، فلما جاء وجدها نائمة، فوقف بالماء عند رأسها حتى الصباح، فلم يوقظها خشية إزعاجها، ولم يذهب خشية أن تستيقظ فتطلب الماء فلا تجده. وها هو ابن الحسن التميمي رحمه الله يهمُّ بقتل عقرب، فلم يدركها حتى دخلت في جحر في المنزل، فأدخل يده خلفها وسد الجحر بأصابعه، فلدغته، فقيل له: لم فعلت ذلك؟ قال: خفت أن تخرج فتجيء إلى أمي فتلدغها. أما ابن عون المزني فقد نادته أمه يوماً فأجابها وقد علا صوته صوتها ليسمعها، فندم على ذلك وأعتق رقبتين. وعقوق الوالدين له صور عديدة ومظاهر كثيرة قد تخفى على بعض الناس، ومن ذلك: أن يترفع الابن عن والديه ويتكبر عليهما لسبب من الأسباب، كأن يكثر ماله، أو يرتفع مستواه التعليمي أو غير ذلك. ومن العقوق أن يدعهما من غير معيلٍ لهما، فيدعهما يتكففان الناس ويسألانهم. ومن العقوق أن يقدم غيرهما عليهما، كأن يقدم صديقه أو زوجته أو حتى نفسه. ومن العقوق أن يناديهما باسمهما مجرداً إذا أشعر ذلك بالتنقص لهما وعدم احترامهما وتوقيرهما. وغير ذلك. ويجب بر الوالدين الأب والأم فالأم التي حملت وليدها في أحشائها تسعة أشهر، مشقة من بعد مشقة لا يزيدها نموه إلا ثقلاً وضعفاً، ووضعته كرهاً وقد أشرفت على الموت، فإذا بها تعلّق آمالها على هذا الطفل الوليد، رأت فيه بهجة الحياة وزينتها، وزادها بالدنيا حرصاً وتعلقاً، ثم شغلت بخدمته ليلها ونهارها، تغذيه بصحتها، وتريحه بتعبها، طعامه درّها، وبيته حجرها، ومركبه يداها وصدرها، تحوطه وترعاه، تجوع ليشبع، وتسهر لينام، فهي به رحيمة، وعليه شفيقة، إذا غابت دعاها، وإذا أعرضت عنه ناجاها، وإن أصابه مكروه استغاث بها، يحسب أن كل الخير عندها، وأن الشر لا يصل إليه إذا ضمّته إلى صدرها أو لحظَتْه بعينها. وفي الختام هذه هي منزلة الأم في الإسلام والمكانة التي وضعها بها رب العالمين فهل يكفي يوم واحد لبرها تقليدا للغرب الذي لا من هذا شيئا ولا يقيم لهذه القيم وزنا ؟ هل نصدق كلام البشر أم نصدق كلام رب العالمين ؟ وهل نضع الأم في منزلة منحطة ومهانة مذلة في حال كبر سنها وعجزها نضعها في ملاجئ العجزة ودور المسنين ثم نزورها في حالة تذكرها في يوم الأم الذي خُصص لها مع تقديم باقة من الورد فحسب أم في منزلة الرفعة والكرامة التي أرادها لها خالقها في مملكتها والتي كلما كبرت اتسعت مملكتها من الأبناء والأحفاد وأحفاد الأحفاد والكل يسعى لنوال رضاها وطلب محبتها قال تعالى : {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً} الإسراء (24،23) وعن أبي هريرة – رضي الله عنه - صعد النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم - فقال : آمين آمين آمين قيل يا رسول الله إنك حين صعدت المنبر قلت : آمين آمين آمين ، فقال : "إن جبريل أتاني فقال : من أدرك شهر رمضان ولم يغفر له فدخل النار فأبعده الله ، قل آمين . فقلت : آمين . ومن أدرك أبويه أو أحدهما فلم يبرهما فمات فدخل النار فأبعده الله ، قل آمين . فقلت : آمين . ومن ذكرت عنده
فلم يصل عليك فمات فدخل النار فأبعده الله ، قل آمين . فقلت : آمين
=========================================