شاعت بتركيز شديد -بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير مصطلحات غريبة تناقلتها ألسنة الصغار والكبار والأميين والمثقفين وتداولتها المؤتمرات والمناقشات على مستوى الشعب والحكومة والمجلس العسكرى والحوار الوطنى والائتلافات الثورية والوفاق القومى بل وأعلنت دول الغرب الترحيب بطرحها وأسهمت فى انتشارها بالدعم المالى والإعلامى ووقف علماء الأمة منها موقف من لايجد امامه سوى التسليم بتداولها والتوفيق بينها وبين نظائرها الإسلامية فالديمقراطية الغربية هى الشورى الإسلامية والدولة المدنية هى دولة تداول السلطة واختيار الأكفاء وإتاحة الفرصة للقيادات الشابة والليبرالية هى دولة نبذ التعصب وقبول الأخر والعلمانية هى الأهتمام بحاضر الأمة ومستقبلها والحرص على تقدمها علمياً
استمر الكيد والتلاعب والتخويف من الإسلام الحقيقى حتى تمخض عن تقسيم الإسلام بحسب من طبقوه أو من يريدون تطبيقه إلى إسلام سياسى وإسلام صوفى وإسلام سلفى ونشطت شياطين الإنس والجن فى التفرقة بين هذه الاتجاهات وتنمية ما بينها من خلافات رغم انها خلافات شكلية بعيدة عن جوهر الإسلام وصرنا فى وضع تفكك لانحسد عليه
إن القرآن الكريم سمى هذا الدين بالإسلام وقال(إنّ الدّين عند الله الإسلام) -ال عمران 19 وقال( ومن يبتغ غيّر الإسلام ديناً فلن يقبل منه) ال عمران 85 وقال (هو سماكم المسلمين من قبل) الحج78
فلماذا لانجتمع تحت مظلة الإسلام بكل ما فيه من عدل وتراحم وإخاء إنسانى؟
إن المطلب الأساسى لثورتنا المباركة هو تحقيق العدالة بعد أن عم الظلم أرجاء البلاد وتسلطت قلة فاسدة على مقدرات الوطن وحرمت منها معظم شرائح المجتمع وتحقيق العدالة لا يفرق بين حاكم ومحكوم ولا بين غنى وفقير ولا بين رجل وامرأة ولا بين مسلم وغير مسلم وأرسى القرآن مبدأ العدل بأسلوب الأمر الإلهى الواجب النفاذ الفورى فقال ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان) -النحل 90- وقال (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل) -النساء 58 بل إنه يأمر بتحقيق العدل مع الأعداء مهما بدا منهم من البغضاء فيقول ( ولا يجر منكم شنأن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى)-المائدة 8
وجاءت تطبيقات النبى (ص) وخلفائه معبرة عن هذا الالتزام فالنبى عليه صلوات الله وسلامه يرفض شفاعة اسامة بن زيد فى حدود الله ويقول ( والذى نفسى بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها
فما الذى يخيف الناس من الإسلام؟ ثم إن هذا الدين لا يستهدف العدالة فقط ولكنه يدعو إلى الإحسان وإلى التراحم والتعارف بين الأجناس البشرية من منطلق الإخاء الانسانى ووحدة الأصل فلماذا لانعلنها فى عزة تستحضر إيماننا بأننا على الحق المبين وبأن ديننا قد نزل تبيانا لكل شىء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين وللعالمين
إن المشكلة الحقيقية هى جهلنابالإسلام وشموله وافتقادنا النموذج الامثل لتطبيقه فى دنيا الناس
***********************************