أنا الحب ال كان
أنا الحب ال كان
أنا الحب ال كان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


ثقافى أجتماعى رياضى ترفهيى
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 صيانة النفس

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
رجل من زمن جميل
المشرف المميز
المشرف المميز
رجل من زمن جميل


عدد المساهمات : 3688
السٌّمعَة : 453
تاريخ التسجيل : 03/03/2011

صيانة النفس Empty
مُساهمةموضوع: صيانة النفس   صيانة النفس I_icon_minitimeالجمعة 22 أبريل - 17:39


بسم الله الرحمن الرحيم.
أيها الإخوة والأخوات: السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم في هذا اللقاء..
كل شيءٍ في البيئة المحيطة حولك يحتاج إلى صيانة دورية، تجدد له نشاطه، وتبعث فيه الحياة من جديد، إن عطاءه متوقفٌ على هذا التعهد المستمر والتفتيش الدائم عن جوانب النقص بإكمالها والضعف لتقويتها، أو التخلص مما انتهى دوره وتوقف عطاؤه، وهكذا النفس، بَيْدَ أن صيانتها ليس كصيانة الآلة الصماء، ولا يتكلف مالاً ينوء بثقله العاملون، إنما هي اللحظة التي تقرر فيها أن تعيش عزيزاً كريماً، يمد إليك الآخرون احترامهم، وتقدم لهم أنت نبلاً وخلقاً راقياً سامياً..

قد تتكاثر على النفس أطماعٌ كثيرةٌ، ويغشاها هوى متبع، فلا يبقى لها في الكرامة مكاناً، ولا في السمو موضعاً، بَيْدَ أن بها جذوةً لو أزحت عنها الرماد، وعملاقاً لو بعثت فيه الحياة ستجد أنك تحلق في سماء الكبرياء..

صُنِ النفس واحملها على ما يزينها ... تعش سالماً والقول فيك جميلُ

هذا هو إذاً موضوعنا اليوم: صيانة النفس، نريد فيه مشاركةً منكم، وسيتبين لكم من خلال هذا النقاش والحوار مع فضيلة الشيخ الدكتور كهلان بن نبهان الخروصي-المستشار العلمي بمكتب المفتي العام للسلطنة-: ما معنى صيانة النفس؟ وكيف يصونها الإنسان؟ وما هي طرائق ذلك؟ كل هذا سنناقشهُ-بإذن الله تعالى-في هذه الحلقة، راجين منكم-كما قلنا-مشاركةً فاعلةً حول هذا الموضوع، لعلكم تقدمون شيئاً فيه، كما أنكم ستسألون-بطبيعة الحال-عن أمورٍ تتعلق بهذا الجانب.

*********************
أهلاً ومرحباً بكم فضيلة الشيخ..

الشيخ كهلان: حياكم الله، وأهلاً وسهلاً بالإخوة والأخوات المتابعين، وأرحب منهم بأولئك الذين سوف يشاركون في حلقة اليوم بإذن الله تعالى، وأسأل الله عز وجل أن ينفعنا بما علمنا، وأن يعلمنا ما ينفعنا، إنه تعالى سميعٌ مجيبٌ.

مقدم البرنامج: آمين..
طيب-فضيلة الشيخ-نحن اعتدنا أن نتحدث عن قيمٍ كثيرةٍ تحدثنا عنها طوال الحلقات الماضية؛ لكن هذا الموضوع يبدو غريباً نوعاً ما، فهو يتحدث عن صيانة النفس وكأننا بدأنا نتحول من موضوع القيم إلى موضوع معالجة النفوس من الداخل، هل لهذا العنوان الذي نناقشه الآن صلةٌ بالإطار العام لبرنامجنا دين الرحمة؟
كما أن المستمع قد يكون غريباً عليه على اعتبار أنه كان متعوداً منا أن يشارك في موضوع القيم، ما هي الأشياء التي يمكن أن يشارك فيها؟ والتي تقترح على المستمع أن يدلي بها في هذا اللقاء؟

الشيخ كهلان: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن موضوع اليوم صيانة النفس هو موضوعٌ يُعنى بكل ما من شأنه تحقيق الرفعة لهذه النفس، وإبعاد كل ما من شأنه أن يحقق لها الذلة والهوان، فصيانة النفس بالمعنى الذي نريد أن نتناوله اليوم هو تلكم الصيانة التي تترقى بهذه النفس في درجات الكمال الإنساني جنباً إلى جنب مع ذلكم الخلق الكريم الذي يصاحب مسيرة الإنسان في هذه الحياة إن كان يريد لنفسه الخير في هذه الحياة الدنيا، والنجاح والسعادة في الحياة الآخرة.

ولذلك لم يكن غريباً أن يكون من ضمن الموضوعات التي نتعرض لها في سلسلة القيم الإنسانية؛ التي يتصف بها هذا الدين أن نتعرض لمباعث صيانة هذه النفس وإكرامها ورفعة شأنها، والبعد عن كل ما فيه هوانها وذلتها وخسرانها؛ ذلك أن صيانة النفس وتوقيرها وحملها على المكارم، والبعد بها عن السفاسف والدنايا هو مبعث سائر الأخلاق، فصيانة النفس هو مبعث المروءات والمحاسن والمحامد جميعاً، حينما يريد المرء لنفسه أن يتحلى بكل القيم والأخلاق والمبادئ التي تعرضنا لها في هذا البرنامج، والتي سوف نتعرض لها-بمشيئة الله تعالى-فإنه بحاجة إلى أن يوقظ في نفسه إنسانيته، وأن يُنبِّه من هذه النفس روحها، وأن يشعل في ذهنه شعلة الإيمان ومراقبة الله سبحانه وتعالى.

وهذا كله يندرج ضمن معنى صيانة النفس-كما سوف يظهر-بمشيئة الله تعالى-؛ ولذلك كانت هذه الخصلة منبعاً لسائر القيم والفضائل والمحاسن التي يمكن للإنسان أن يتحلى بها، ثم إن آثارها سوف تظهر بعد ذلك سلوكاً مستقيماً وهدياً راشداً وتناولاً قاصداً لما يحتاج إليه هذا الإنسان في مسيرته في هذه الحياة، سواء في عبادته لربه تبارك وتعالى، أو إن كان فيما يخص أمور دنياه البحتة؛ التي قد لا تبدو صلتها الوثيقة ظاهرةً بأمور الدين.

ولذلك سوف نتعرض إلى هذه المعاني التي تتصل بتزكية النفس-كما تفضلتم-.. التي تبحث في بواطن هذه النفس، لكي تغرس فيها حب المكارم وحب معالي الأمور، ولكي تنفرها من سفاسف الأمور ودناياها، ثم بعد ذلك ننظر في الطرائق والوسائل التي تحقق للنفس كرامتها وتبعدها عن كل شائنٍ قبيحٍ، وهذه سوف تكون بمثابة خطواتٍ عمليةٍ، وهنا يكون ميدان المشاركة من قِبَلِ الإخوة والأخوات المتابعين فسيحاً-بإذن الله تعالى-، إذ يمكن لهم أن يقترحوا ما يدعمه الدليل أو الواقع أو التجربة مما يحقق صون هذه النفس ،وتحقيق كرامتها والبعد بها عن الدنايا والسفاسف.

وبالتالي سوف نتعرض لما يمكن أن يشتبه عند البعض من أمر اختلاط التكبر والتعالي بخصلة صيانة النفس، وهذه نقطةٌ حريٌ بنا أن نقف عندها، وأن نتعرف على ما يكتنفها من معانٍ ودلالاتٍ ، وبعد ذلك سوف ننظر-بمشيئة الله تعالى-في الآثار-إن سنح لنا الوقت-في الآثار الناتجة عن التحلي بهذه الخصلة الكريمة الحميدة.

مقدم البرنامج: نعم..
طيب هل تقصدون من ذلك-فضيلة الشيخ-الآن أن المستمع ونحن جميعاً نستدعي كل القيم التي استمعناها منكم في الحلقات الماضية، ونعرض نفسنا أمامها لنجد النقص الذي يَعْتَوِرُها من جراء تباعدها عن تلك القيم؟ أم أن هذه هي قيمةٌ خاصةٌ أخرى يُعنَى بها الإنسان ويُنشِّطُها باستمرار؟

الشيخ كهلان: نعم..
صيانة النفس تشمل المعاني التي ذكرتَها جميعاً، فإن التحلي بمكارم الأخلاق وطلب معالي الأمور، وأن يصوب المرء همه وهمته صوب الجنة التي هي سلعة الله عز وجل الغالية، فإن هذا لا شك هو من صيانة النفس، وهو بفضل الله عز وجل-هذا المسلك وهذا المسعى-قد جعله الله سبحانه وتعالى بفضله ومنته، جعله في ذاته عبادة تقرب هذا الساعي إلى الرضوان، وتبلغه الدرجات الرفيعة.

ولذلك كان هذا الإنسان محتاجاً إلى أن يراقب نفسه فيما يتصل بصيانة هذه النفس مما يمكن أن يشينها، وأن يلحق بها الشين والأذى، وما لا يليق ولا يجمل بالمروءات وبما طُبِعَ عليه المسلم وما أُكرِم به من هذا الدين الحنيف الموافق للفطرة، كما أنه بحاجةٍ إلى أن يتفحص، وأن يراقب وينظر في القيم والأخلاق ذاتها، ومدى تطبيقه والتزامه بها، فهي مع كونها-أي صيانة النفس-مع كونها من الصفات التي يمكن أن يلاحظها المرء منفردةً عن غيرها، إلا أنه بحاجةٍ إلى مفرداتٍ تطبيقيةٍ يزن بها واقعه فيما يتصل بصيانة النفس، هذه المفردات التطبيقية هي منظومة القيم والأخلاق والأعمال والأقوال والأفعال التي يقوم بها هذا الإنسان.

مقدم البرنامج: طيب..
إذاً كعادتنا نبدأ بهذه الآية القرآنية الآن، ثم نعود لنناقش ما تدل عليه من المعاني الجميلة.

*********************
{ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً } (الإسراء:70).

مقدم البرنامج: الآن-فضيلة الشيخ-نعود إلى مناقشة الآية الكريمة { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ...}، ما الذي ترشد إليه هذه الآية التي أنصتنا إليها فيما يتصل بموضوع حلقتنا وهو صيانة النفس؟

الشيخ كهلان: نعم..
هذه الآية الكريمة وردت في سياقٍ يمتن الله عز وجل فيه على المشركين، فجاءت بمثابة الجملة الاعتراضية، فبعد أن تعرض السياق للعبر والمنن التي يمتن الله عز وجل بها على المشركين جاءت هذه الآية لكي يُذكِّر الله عز وجل عباده جميعاً-كل بني آدم-بنعمته عليهم؛ فلذلك افتتحت الآية الكريمة بقول الحق جل وعلا: { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ...}، فالتكريم الذي سوف يَذكُرُ الله عز وجل أبرز مظاهره وأجلى صوره في هذه الآية هو تكريمٌ شاملٌ لكل الناس{ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ...}.

ثم حينما ننظر ونتأمل في هذه الآية نجد أن هناك خمساً من المنن التي أنعم الله عز وجل بها على بني آدم المخاطبين في هذه الآية الكريمة: التكريم، والإشارة-{ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ...}-الإشارة إلى كونهم من أصلٍ واحدٍ دليلٌ على أصل تساويهم في الخلقة الإنسانية، أي أن هذا التكريم الذي كُرِّموا به هو تكريمٌ عامٌ شاملٌ لكل بني آدم.. لكل البشر، فهم متساوون في أصل خلقتهم، وهم مكرمون عمن سواهم من خلق الله تبارك وتعالى، فالمنة الأولى هي التكريم.

ثم يشير أو تصرح الآية الكريمة بمِنَّةٍ أخرى وهي تسخير المركوب في البر {... وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ ...}، ثم مِنَّة تسخير البحر لهم، وهذا مما لا يتأتى لسائر المخلوقات، ثم الرزق {... وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ...}، ثم أنتم أيها البشر مفضلون على المخلوقات أو على كثيرٍ من المخلوقات؛ من حيث مجموعكم أي من حيث إنكم بشرٌ حظيتم بهذا التكريم الذي له أسبابٌ، وله ما سخره الله عز وجل لكم مما يمَكنكم من الانتفاع بهذه المنن من المنزلة الرفيعة من بين سائر المخلوقات، ومن تسخير البر والبحر، ومن الانتفاع بالرزق الطيب الحلال، ومن التفضيل على سائر المخلوقات فإن هذا يؤدي بنا إلى أن نستنتج مما يتصل بالسياق:
أن أصل صيانة هذه النفس الإنسانية إنما هو تكريم الله عز وجل لها، فمبعث صيانة النفس هو تكريم الخالق جل وعلا لهذا الإنسان، هذا هو الأصل الأول.

ثم صيانة هذه النفس إنما يكون بحسب هذه النعم والمنن التي امتن الله عز وجل بها على عباده؛ ولهذا نجد أن الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم يخاطب عباده بتأكيد هذه المعاني؛ بل وبالتصريح إلى ما يحقق لهذه النفوس التي خلقها الله عز وجل متساوية.. إلى ما يحقق لهذه النفوس المتساوية في أصلها التفاوت في مراتب صيانتها لنفسها، فنجد أن الله تعالى يقول في موضعٍ آخر: { وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا{7} فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا{8} قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا{9} وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا } (الشمس:7-10)، فإذاً حينما يُقْسِمُ الله عز وجل بهذه النفس ويُقْسِمُ بنفسه.. حينما يُقْسِمُ بما سَوَّاهَا-فالله عز وجل هو الذي سوَّى هذه النفس، وهو الذي ألهمها فجورها وتقواها-تعظيماً وإعلاءً وتشريفاً لهذه النفس الإنسانية التي خلقها، ثم بعد ذلك يكون المُقْسَمُ به هو نتيجتين متقابلتين متناقضتين: إما الفلاح والسعادة والنجاح، وإما الخسران والخيبة والضلال.

مقدم البرنامج: وهذا يعتمد على الصيانة وعدمها..

الشيخ كهلان: { قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا }: هذا هو الذي يصون نفسه ويحفظها مما يمكن أن يؤدي بها إلى النتيجة الأخرى، { قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا{9} وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا }؛ فلذلك احتجنا فعلاً إلى أن نتعرف على ما يحقق لهذه النفس صيانتها؛ لأن في ذلك فلاحها في الآخرة، واحتجنا إلى أن نتعرف على ما يؤدي بهذه النفس إلى أن تهين نفسها وتحقق لها المذلة أو توقعها في المذلة والهوان؛ لأن عاقبة ذلك هو الخسران والخيبة والضلال، و{ قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا{9} وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا }.

مقدم البرنامج: إذاً أصل صيانة النفس هو تكريم الله سبحانه وتعالى لها، معنى ذلك أن الإنسان يصون نفسه ليكتسب هذه الكرامة أو ليلبس هذه الكرامة.

الشيخ كهلان: نعم..
ومبعث هذه الصيانة التي نتحدث عنها هو تكريم الله عز وجل لهذه النفس، أي حينما نقارنها بسائر المخلوقات.. لننظر مثلاً في العجماوات: هذه المخلوقات مسخرة لهذا الإنسان؛ ولذلك فهي لا يمكن.. لا يَصدُقُ عليها أن توصف بعزة النفس.. لا يَصدُق أن توصف بالنظر بالمقارنة إلى الإنسان، لا بالنظر إلى أصل طباعها فيما بينها وإنما بمقارنتها مع هذا الإنسان، وكذلك يقاس الحال على الجمادات وعلى سائر المخلوقات، بل يرد هنا كلام المفسرين حول المقارنة بين الإنسان وبين الملائكة والمقارنة بين الإنسان وبين الجان؛ ولكن الآية صريحة في مخاطبة بني آدم، والآية صريحة في أن التكريم وأن الامتنان بهذه المنن إنما كان لبني آدم؛ ولذلك فإن مبعث صيانة النفس إنما هو هذا التكريم الإلهي، وهذه الحرمة التي جاءت بها الشريعة لهذه الإنسان، وإن بدا للإنسان أن هناك تكليفاً، وأن هذا التكليف قد يكون في بعض الأحيان شاقاً عليه، إلا أن هذا التكليف إنما هو من تكريم الله عز وجل له؛ ولأنه موافقٌ لأصل الفطرة التي هي فطرةٌ مكرمةٌ من عند الله عز وجل.

مقدم البرنامج: وبهذه الصيانة يتحقق له إذاً معنى التكليف ومعنى التكريم..

الشيخ كهلان: نعم.

مقدم البرنامج: الآن بعد هذا الشرح والتفصيل في المقدمة، وبعد تعرضكم لمعنى الآية الكريمة حول المقصود بصيانة النفس، نريد الآن أن نتحدث عن الطريقة التي تصان بها النفس، هل هناك شرائط واضحة تجعله من المتمسك بها.. صائناً لنفسه مثلاً؟

الشيخ كهلان: نعم..
صيانة النفس بمعنى حفظ هذه النفس ووقايتها وحرزها مما يشينها ومما يؤدي بها إلى المذلة والهوان، هذا المعنى إنما يتحقق بسلوك طرقٍ معينةٍ لابد منها وإلا ما تحقق للإنسان.. وما تحقق لهذه النفس أي تكريمٍ ولا صيانة ولا منزلة رفيعة، لابد أن يكون مبعث صيانة النفس حسن الإيمان بالله تعالى، فمبعث عزة هذه النفس وصيانتها وحفظها من كل ما يشينها إنما هو صدق الإيمان بالله واليوم الآخر؛ لأن صدق الإيمان هو الذي يبعث في هذه النفس.. هو الذي يجدد في هذه النفس صلتها بالله سبحانه وتعالى، فيتجه هذا العبد بنفسٍ مطمئنةٍ لعبادة ربه.. راضياً.. مطمئناً.. مؤمناً بقضاء الله سبحانه وتعالى.. راغباً في ثوابه.. خائفاً من عقابه.. راجياً لما عنده.. خائفاً من ذنوبه.. مقبلاً عليه حينما يخطئ بالتوبة النصوح، ولاجئاً إليه حينما تشتد به الكروب بالدعاء، وطالباً التفريج واليسر من عنده سبحانه وتعالى.. يفوض أمره لربه تبارك وتعالى، ويستعين بمن أباح له ربه وشرعه ودينه أن يستعين بهم في قضاء حوائجه وسائل وأسباباً، وليسوا بنافعي أحدٍ ولا بضاري أحدٍ من الناس إلا بإذن الله عز وجل.

فهذه المعاني الإيمانية من حسن الإيمان، ومن الرضا بقضاء الله عز وجل، ومن التفويض له تبارك وتعالى، ومن الشعور بافتقار العبد إلى ربه تبارك وتعالى، وبأن كل الأمور إنما هي بيد ربه تبارك وتعالى يورث هذه النفس عزةً وشموخاً وإباءً؛ لأنه لا يتصل بأحدٍ من المخلوقات، ولا يكون في نظره وفي يقينه أن ما أصابه إنما هو من أحدٍ من هذه المخلوقات، وإنما هو بمشيئة الله عز وجل وبإرادته؛ ولذلك هو لا يحتاج إلى وساطةٍ بينه وبين ربه تبارك وتعالى، فإذا به يتوجه ضارعاً إلى ربه سبحانه وتعالى، وإذا به يكون في أعظم حالات عزته وشموخه وإبائه حينما يكون ساجداً لربه تبارك وتعالى.. حينما يكون في أقل حالات الخضوع والخنوع هو في حقيقته في أعلى حالات الشموخ والإباء والعزة؛ لأنه يسجد لربه تبارك وتعالى الذي بيده مقاليد كل شيء.

مقدم البرنامج: نعم..
طيب نحن نريد أن نقف عند هذه النقطة: قد يكون الإنسان وصل إلى مرحلةٍ جيدةٍ في موضوع الإيمان، مؤدياً لصلاته.. محافظاً على صيامه.. وهلم جراً من العبادات والفرائض؛ لكن قد تدهمه في لحظةٍ من اللحظات أمراض، هذه الأمراض يُدَندَنُ حولها من قِبَلِ المحيطين به على أنها نوعٌ من التدخلات-تدخلات الأرواح الأخرى، والمخلوقات المختلفة-فيندفع بناءً على أن هناك مجموعة تقوم بالمعالجة، وتستخدم نفس الجانب الإيماني كتلاوة آيات القرآن الكريم وغيرها، إلى الحد الذي مع كثرة هذه التصرفات وهذه المواقف أن الإنسان يتباعد شيئاً ما عن الموضوع الذي طرحتموه قبل قليل وهو: أن يكون ساجداً لربه سبحانه وتعالى، ضارعاً إليه في كل مرة، كيف يصل الإنسان إلى الاعتماد والصبر الأيوبي الذي لجأ فيه إلى الله سبحانه وتعالى في كل أحواله؟

الشيخ كهلان: نعم..
حُسن الإيمان يعني: التصديق التام والخضوع المطلق لله عز وجل، فحينما يؤمن المرء بالله عز وجل رباً خالقاً مصرفاً مدبراً لهذا الكون، فإنه سوف يوقن أن الأمور كلها بيد الله عز وجل، وأنه لا أحد من الناس-من الخلق-يملك له حياةً ولا نشوراً ولا نفعاً ولا ضراً، ولا يملك له رزقاً { قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } (آل عمران:26)؛ ولذلك فإن هذه العقيدة سوف تمنعه في الأصل من أن يَذِلَّ لمخلوقٍ مثله، أو أن يَظُنَّ أن بيد مخلوقٍ من الناس أو مخلوقٍ من مخلوقات الله عز وجل النفع والضر والرزق بسطاً وقبضاً، ودفع البلاء، وجلب النعماء، وإنما هناك وسائل، هذه الوسائل قد تكون مشروعةً وقد تكون غير مشروعة؛ لكنها لا تعدو من أن تكون وسائل وأسباباً وإنما الحُكْمُ فيها بيد الله سبحانه وتعالى، هذه الوسائل حتى وإن كانت غير مشروعة قد تؤدي إلى نتيجة؛ لأن تحقيق النتائج إنما يكون بوسائل، وكون هذه الوسائل مشروعة أو غير مشروعة إنما هو بالنظر إلى تكليف العباد لا بالنظر إلى حكم الله سبحانه وتعالى في ذلك الأمر.

لكن الله عز وجل قد جعل لكل شيءٍ سبباً، ومن هذه الأسباب ما يكون موافقاً لأمره سبحانه وتعالى، ومنها ما يكون مخالفاً لأمره؛ امتحاناً للعباد وابتلاءً لهم، وهنا يكون على العبد من منطلق إيمانه وصيانته لنفسه ألا يتبع في سبيل حصوله على ما يريد من مطامح الخير، ومن غايات المعروف إلا أن يتبع الطرق التي توافق شرع الله سبحانه وتعالى، حتى وإن كانت النتائج التي تتحقق له في ظاهرها أقل من نتائج أخرى تتحقق أن لو سلك طرقاً تخالف أمر الله سبحانه وتعالى؛ لأنه حينما يخالف أمر الله عز وجل سوف يذل نفسه، وسوف يُلحِقُ بنفسه الهوان والمذلة، وهذا هو أمرٌ ثانٍ بعد الإيمان.

بعد الإيمان وبعد استحضار مفردات هذا الإيمان لابد من أن يسلك سبيل العزة، وسبيل العزة إنما هو سبيل اتباع أمر الله عز وجل وأمر رسوله-صلى الله عليه وسلم-{ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً}(النساء: من الآية139)، { وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ }(المنافقون: من الآيةCool، فإذاً لأن صيانة هذه النفس لا يمكن أن تكون أبداً بمخالفة شرع الله، الحقيقة أن مخالفة أمر الله عز وجل وارتكاب المعاصي والآثام إنما هو إذلال لهذه النفس المكرمة؛ هو إذلال لها لأنه تعطيل لقدراتها التي أوجدها الله سبحانه وتعالى فيها، والنزول بها إلى حضيض البهائم العجماء، والغض مما سخره الله سبحانه وتعالى من إمكانياتٍ وطاقاتٍ لهذا الإنسان، واستخدام هذه الإمكانيات والطاقات في سبيل طاعة الشيطان لا في سبيل طاعة الرحمن، وطاعة الشيطان هي أدنى دركات إذلال هذه النفس.

مقدم البرنامج: وهي خدمة مجانية للشيطان؛ لأن الشيطان-والعياذ بالله-يقول يوم القيامة: {... وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ...} (إبراهيم:22)، فلم يكن يبذل جهداً مكثفاً حتى يأتي إليه الإنسان سوى الدعوة الكاذبة يستجيب لها الإنسان.

الشيخ كهلان: نعم..، فإذاً من الطرائق التي بعد الإيمان بالله عز وجل هو حسن استقامة هذا الإنسان، حسن استقامته: بامتثاله أمر الله سبحانه وتعالى.. أدائه للواجبات.. امتناعه عن المحرمات.. مبادرته إلى المندوبات، وتركه قدر استطاعته للمكروهات، وإخلاص نيته في المباحات، هذا مما يصون له نفسه، ومما يحقق لها عزتها، ويصون له كرامته، ومما يوقظ فيه باعث صيانة هذه النفس ليكون باعثاً حقيقياً يقوده إلى الخير.. أن يعلم أن في مخالفته لأمر الله عز وجل إهانة لهذه النفس، والله تعالى يقول: {... وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ ...} (الحج:18)، والذي يهينه الله عز وجل هو ذلك الذي يترك سبيل الرحمن ويتبع سبيل الشيطان.

مقدم البرنامج: أنا أتمنى أن تبقى معنا دقائق في نهاية هذه الحلقة لنناقش الموضوع الأول الذي أشرنا إليه في موضوع لجوء الإنسان إلى غير الله سبحانه وتعالى.

مداخلة متصل: عندي سؤال يا شيخ:
مثلاً إنسان في البداية كان قد ترك نفسه تلهو على ما تشاء، فسبحان الله.. الله أنزل عليه الهداية، وحاول أنه-كما تقول-بدأ يصون نفسه؛ لكنه يواجه صعوبات، فكيف يتخطى هذه الصعوبات عندما تكون نفسه ترغب-كما يقولون: النفس أمارة بالسوء-فنفسه-سبحان الله-ترغب السوء.. تميل إلى هذه الأشياء، فكيف يتصدى لهذه الأشياء؟

مقدم البرنامج: هذا سؤال جميل.. شكراً جزيلاً.. الله يبارك فيك.. أحسنت.
سؤال الأخ المتصل مهمٌ جداً، فبل أن نأتي إلى فاصلنا المعتاد:
النفس قد يترك لها الإنسان الفرصة لتلهو وتلعب كما تشاء، وتلغ في معاصي الله، ثم تأتيها الهداية من الله، ونقول: ثم تبدأ تتفكر فيما هي فيه وتعود إلى الله سبحانه وتعالى؛ لكن هناك صعوبات لعل أهمها والذي لم يُصرِّح به الأخ المتصل الرفاق والأصدقاء سواءً كانوا أصدقاء العمل أو أصدقاء المجتمع إذا وجدوا هذا الإنسان بدأ يتراجع ويعود إلى جادة الصواب تجد من هنا وهناك من يقدم له النصائح المكثفة: لماذا.؟! ولماذا لا تستمر..؟! وأنت لازلت شاباً..!! وستتوب فيما بعد..!! وهلم جراً، صعوبات من هذا النوع، وصعوبات أخرى ربما متنوعة، كيف يتخطى الإنسان كل هذه الصعوبات ليصون نفسه؟

الشيخ كهلان: نعم..-وهو متصل بما كنا نتحدث عنه، أي لازلنا في موضوع الطرائق والوسائل التي تحقق لهذا الإنسان صيانة نفسه، فذكرنا ما يتصل بالإيمان، ثم ما يتصل بملازمة الاستقامة وحسن الديانة لله عز وجل-لابد من معرفة حقيقة الدنيا.. لابد من أن يدرك هذا المسلم إن أراد لنفسه الصيانة والكرامة؛ لابد أن يعي حقيقة هذه الحياة الدنيا التي يعيش فيها، فهي حياةٌ بكل ما فيها من نعيمٍ، وبكل ما فيها من زخارف، وكل ما فيها من ثرواتٍ وأموالٍ وشهواتٍ إلا أنها فانيةٌ زائلةٌ، ومهما بدا له أن العمر سوف يمتد به وهو لا يعلم ذلك حقيقةً لكنه يُمنِّي نفسه بأن العمر سوف يمتد به في هذه الحياة إلا أن عمره قصير، وأنه لابد من الأجل المحتوم، وأنه سوف ينتقل عن هذه الحياة الدنيا إلى الحياة الآخرة، فإذاً حينما يدرك الإنسان حقيقة هذه الدنيا، فما الذي يجعله في هذه الحياة الدنيا يجلب لنفسه المذلة والهوان..؟!! أي عاقلٍ يريد لنفسه في هذه الحياة الفانية القصيرة التي مهما حَصَّلَ فيها من نعيمٍ ومن ثرواتٍ، ومهما جمع فيها من ثرواتٍ وشهواتٍ إلا أنها قصيرةٌ منتهيةٌ.

وهي بالنظر إلى شهواتها وثرواتها لا تنتهي بالنسبة للفرد الواحد، أي أن الإنسان بطبيعته حينما يتمادى في الغي والضلال لا يشبع من الشهوات، وهو مع ذلك ما الذي يُحَصِّلُهُ مما أودِع في هذه الأرض من زخارف ومن أنواع الشهوات والثروات؟! إنما يحصل على شيءٍ يسيرٍ جداً، فكيف إذا اجتمع مع ذلك أن يكون استمتاعه بها قصيراً، ولا يكاد يكون خالياً من مكدرات الأمراض والنكد والتعب والنصب حتى ولو بأقل القليل؟!!

ومع ذلك حينما ينظر نظر المنصف العاقل المؤمن المخلص، ويقارن ذلك بالحياة الآخرة فإنه لن يجد مقارنةً أبداً، هناك نعيمٌ خالصٌ له لا تكدره أي مكدرات، ولا ينغصه مرضٌ ولا سُقْمٌ ولا علةٌ ولا انقطاعٌ ولا زوالٌ ولا تحولٌ.. هناك نعيمٌ أبديٌ مقيمٌ خالدٌ سرمديٌ لا فناء بعده أبداً، فكيف يمكن أن يُؤْثِرَ تلك الحياة الباقية الخالدة بهذه الحياة التي يشوبها النكد والضيق والعسر والمرض؟!! ومع ذلك هي في حقيقتها فانيةٌ زائلةٌ؟!!

إذاً لابد من أن يُدرِك حقيقة الحياة الدنيا، ومن إدراكه لحقيقة الحياة الدنيا، ومن إيمانه بالله سبحانه وتعالى، ومن حسن استقامته على منهج الله تبارك وتعالى، فإنه سوف يعلم حقيقة المخلوقات .. سوف يعلم حقيقة البشر، فإنما البشر هم مثله يقرِّبهم ويُبَعِّدُهُم من الله سبحانه وتعالى تقواهم، وعملهم الصالح، وخلقهم القويم، واقتداؤهم برسول الله-صلى الله عليه وسلم-أي أن التقوى هي التي تقرب الناس من خالقهم سبحانه وتعالى، وهذا الذي يصون لهم كرامتهم، وهذا الذي يصون لهم أنفسهم، ويحفظ لهم عزتهم، ويجنبهم المذلة والهوان.

حسن الاستقامة وإدراك حقيقة الدنيا، وإدراك حقيقة المخلوقات جميعاً من بشرٍ ومن جانٍ ومن ملائكة،ٍ ومن كل ما خلق الله سبحانه وتعالى لا يعني أن لا يقع الإنسان في أخطاء؛ لكن من فضل الله عز وجل على هذا العبد أن جعل له مخارج للخطأ الذي يقع فيه " التائب من الذنب كمن لا ذنب له "؛ ولذلك حينما يقع الفرد.. حينما يهين نفسه فيرتكب معصية، ولنفترض أنه ارتكبها بسبقِ إصرارٍ وترصدٍ، أياً كانت هذه المعصية، ثم بعد ذلك-أي بعد هذا الهوان الذي جلبه لنفسه-تداركه لطف الله عز وجل، ونظر وتأمل في حاله فإذا به يسكب عبرات الندم، وإذا به ينكسر قلبه حزيناً على ما فرط في جنب الله تبارك وتعالى، وإذا به في جُنحِ الليل.. في ثلث الليل الأخير أو في أي ساعةٍ يدرك فيها خطأه الذي ارتكبه إذا به يجأر إلى ربه تبارك وتعالى بالاستغفار وبالتوبة وبطلب المغفرة، هذه هي قمة العزة التي نتحدث عنها، فإذاً وقوعه في الخطأ لا يعني أنه لن يتمكن من تصحيح المسار، ومن تحقيق العزة لنفسه، ومن صيانة هذه النفس، وتلافي الخطأ الذي كان فيه.

مقدم البرنامج: الحقيقة هناك-فضيلة الشيخ-ثلاث ثقافات-إن صح التعبير-أو ثلاث معلومات من ثقافة المسلم نريد أن نناقشها إن بقي لنا وقت في هذه الحلقة، واحدة منها مما يتعلق بهذا الموضوع نفسه؛ لكن الآن نقف مع هذا الفاصل القصير.. ومع الحديث النبوي الشريف، ثم نعود لنواصل بإذن الله تعالى.

*********************
عن أبي هريرة أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-قال: " والذي نفسي بيده لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره خيرٌ له من أن يأتي رجلاً أعطاه الله من فضله فيسأله أعطاه أو منعه ".

مداخلة متصل آخر: لدي ثلاث نقاط لو تكرمتم:
النقطة الأولى متصلة بسؤال الأخ المتصل الأول وهي: كيف يمكن للإنسان أن يصون نفسه عن ابتذال الجاهلين لها؟ أرجو من الشيخ أن يركز على هذه النقطة.

مقدم البرنامج: عن ابتذال الجاهلين؟

المتصل: هو ذكر مثال أن الإنسان لما يبدأ بالاستقامة-هو لم يصرح كما أشرتم؛ لكن كما ذكرتَ أنتَ حسبما فهمتُ من السؤال-أن يحصل على مضايقاتٍ أو يجد مضايقات من بعض الناس.

مقدم البرنامج: صحيح من المحيطين به..

المتصل: نعم المثبطين..
النقطة الثانية: أرجو من فضيلة الشيخ أن يبين العلاقة بين الجهل وبين عدم صيانة النفس.
النقطة الأخيرة: في هذا الزمن الذي كثرت فيه الفضائيات كيف يمكن أن نصون أبناءنا من ناحية العقيدة ومن ناحية الأخلاق؟! أي يكفي مثلاً برنامج بسيط في الرسوم-يتساهل الكثير من الناس في مثل هذه الأمور-يحمل غزواً في مختلف المجالات الأخلاقية، وفي القيم، وفي العقيدة..
أرجو من فضيلة الشيخ أن يركز على هذا الموضوع.

مقدم البرنامج: هذا صحيح..، أي كيف نصون نفوس أبنائنا..!!

المتصل: نعم، خاصة وأنهم كما يقال صفحةٌ بيضاء.. " كل مولود يولد على الفطرة "، فكيف نحافظ على نقاء هذه الصفحة؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مقدم البرنامج: بالفعل.. جزاك الله خيراً أخي.. شكراً على مشاركاتك القيمة.

مداخلة متصل ثالث: رغبت أن أسأل هل يجب على الإنسان كي يصون نفسه أن يحاول إصلاح البيئة التي حوله؟

مقدم البرنامج: أي يصلح البيئة ليوفر لنفسه الأرضية..؟

المتصل: مثلاً بيئة العمل: هل يجب على الإنسان أن يفعل ذلك؟ هذا شيء.
و أريد تفسير الآية قول الله سبحانه وتعالى: { أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ ...} (البقرة:44) أريد تفسير هذه الآية في هذا الموضوع.. بارك الله فيكم.

مقدم البرنامج: شكراً أخي، بارك الله فيك..
الآن فضيلة الشيخ معنا مجموعة من الأسئلة، ومعنا حديث نبويً استمعنا إليه نريد عليه تعليقاً بسيطاً ومختصراً؛ لأن الوقت قد لا يكفي لاستيعاب كل هذه الأسئلة، ثم نعود لمناقشة أسئلة الإخوة.

هذا الحديث هل يشير إلى عوامل أخرى لصيانة النفس كالعمل، وترك مسألة الناس-التسول كما يسميه البعض-؟
وماذا نجد في السيرة أو في السنة النبوية الشريفة من مثل هذه المعاني الداعية إلى صيانة النفس؟

الشيخ كهلان: نعم..
فعلاً هذا الحديث النبوي الشريف يشير فعلاً إلى بعض الجوانب العملية التي تحقق صيانة النفس، وهذا الحديث نصٌّ في أن العمل يجنب هذه النفس المذلة.. العمل وكسب الرزق الحلال والسعي في طلب الزق الحلال يجنب هذه النفس المذلة والهوان، ونجد مثل هذا الحديث طائفة من أحاديث رسول الله-صلى الله عليه وسلم-التي فيها التصريح بذلك " لا يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مزعة لحم " من المذلة والهوان-حديث ابن عمر متفق عليه-، وحديث أبي هريرة قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: " من يسأل الناس أموالهم تكثراً فإنما يسأل جمراً فليستقل أو ليستكثر " من الوعيد الشديد في مذلة السؤال، وأن عاقبة المسألة والتسول هو الذلة والهوان، وهذا الحديث الذي أنصتنا إليه من طريق أبي هريرة ورد في بعض المصادر من طريق الزبير بن العوام قال: " لئن يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحزمةٍ من الحطب على ظهره فيبيعها فيكف بها وجهه... "-أي عن مذلة السؤال-"... خيرٌ له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه ".

هذه جملةٌ من الأحاديث التي تفتح للناس بعض ما يحقق لهم هذه الخصلة التي نتحدث عنها، فصيانة النفس هي ليست شعارات نتحدث عنها، وإنما هي طرقٌ عمليةٌ لابد منها، فبالإضافة إلى جانبها المعنوي الذي ركزنا عليه فيما مضى من مسألة الإيمان وحسن الاستقامة؛ من حيث الفكر والنظر والتصور كذلك من حيث التطبيق في الواقع العملي، ثم مع الإيقان بحقيقة الدنيا، والإيقان بحقيقة سائر الخلق، وأن الأمور كلها إنما مسببها هو الله سبحانه وتعالى وبيده تصريف كل شيء، وأن لا وساطة بين هذا العبد وبين خالقه جل وعلا، فإن هناك جوانب عملية-بالإضافة إلى هذه الجوانب الإيمانية والمعنوية-هناك جوانب عملية أرشد إليها رسول الله-صلى الله عليه وسلم-ومنها: السعي في الأرض.. كسب الرزق؛ لأن في كسب الرزق منعاً للنفس من مذلة السؤال، ونحن نتذكر حديث رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: " واليد العليا خيرٌ من اليد السفلى "، فالرسول-صلى الله عليه وسلم-يفضل اليد العليا قال: " اليد العليا هي اليد المنفقة، واليد السفلى هي اليد الآخذة " فإذاً العمل وكسب الرزق وعدم سؤال الناس هو مما يحقق لهذه النفس صيانتها وكرامتها وعزتها.

حينما نتأمل في جملةٍ من أحاديث رسول الله-صلى الله عليه وسلم-نجد بعض الإشارات إلى ما يحقق للنفس عزتها، فنجد في حديثٍ اختلِف كثيراً في تصحيحه نجد قول رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: " لا ينبغي لمسلمٍ أن يذل نفسه " قالوا: وكيف يذل نفسه؟ قال: " يتعرض من البلاء لما لا يطيق "،-الحديث أنا أوردته اعتماداً على تصحيح جملةٍ من أهل العلم، حسَّنه الترمذي، وحسَّنه في موضعٍ الألباني وصححه في موضعٍ آخر، أما محقق مسند الإمام أحمد فيرى بأنه ضعيف..

مقدم البرنامج: الشيخ أحمد شاكر..

الشيخ كهلان: نعم، وكذلك شعيب الأرناؤوط ، أي أعلوه بأحد رواته؛ لكن الشيخ الألباني يرى أنه ورد من طرقٍ أخرى؛ ولذلك قال مرةً بحسنه، وقال مرةً بصحته، وهو متوافقٌ مع المعاني التي نتحدث عنها-.

وهذا الحديث في جزئه الأول لا إشكال فيه " لا ينبغي لمسلمٍ أن يذل نفسه "؛ لكن لما سَألوا رسول الله-صلى الله عليه وسلم-قالوا: وكيف يذل نفسه؟ قال: " يتعرض من البلاء لما لا يطيق "، والظاهر من معنى هذا الجزء أنه لا ينبغي للمسلم أن يَدخُل في أمرٍ يكون مآله إدخال المشقة على نفسه في عبادته وفي طاعته لله عز وجل، وعلى إخوانه ومن كان مثله، سواءً كان من أهل الديانة أو من أهل العلم أو من أهل الصلاح والاستقامة في المجتمعات، وورد في مناسبات-أي بيان الاحتجاج بهذا الحديث-؛ لكنه لا يتعارض بحالٍ من الأحوال مع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإن للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مراتب، وهذا الحديث لا يتعارض معها أبداً، وإنما يراد منه تحذير المسلم من أن يُدخِل نفسه إلى ما يمكن أن يكون سبباً لفتنته في دينه، فإن حِفظَه لدينه أولى من أن يجلب لنفسه مضرة الفتنة التي لا يستطيع معها أداء ما كلفه الله عز وجل به؛ ولذلك قال: " يتعرض من البلاء لما لا يطيق "؛ ولذلك ينبغي للمسلم أن يكون فطناً حذراً، وأن يصون نفسه حتى من الدخول أحياناً فيما يرى أنه خيرٌ وصلاح لكن فيه مجلبةً لفتنةٍ له في دينه أو لإخوانه أو مجتمعه.

مداخلة متصل رابع: تعليق بسيط على الحديث الذي أوردتَه الآن:
هناك آية أحسبها تصب في نفس المعنى، أو أنه من الممكن أن نستأنس بها وهي {... وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ...} (البقرة:195) كمثالٍ بشكلٍ عام،ٍ هي عامة لكن أحسب أن من ضمن مؤديات التهلكة ونتائج التهلكة هي مذلة للنفس سواءً كان للنفس أو للأولاد، وقد ذكر الله سبحانه وتعالى في موضعٍ آخر{ وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُواْ عَلَيْهِمْ ...} (النساء:9)، لو ربطنا هذا بذاك لوجدنا أنها متشابكة، فالإنسان متى ما ألقى نفسه في مذلة الناس سواءً كان بالسؤال أو مهلكةٍ ما فإن هذا سيصيبه وسيصيب من بعده أولاده أو أهله أو جواره، فقط هذه النقطة وددتُ أن أشارككم بها.

مقدم البرنامج: شكراً جزيلاً.. شكراً على مشاركتك الطيبة.. بارك الله فيك..
قبل أن نأتي إلى أسئلة الإخوة معنا هنا سؤالٌ مهمٌ نرى أنه مرتبط بموضوعنا، والتركيز عليه أو تفصيله أو الإجابة عليه مهمةٌ حتى يتضح الأمر:
أنتم تحدثتم عن موضوع الإذلال الآن عن طريق التسول: أن يسأل الإنسان وهو غير محتاج.. يُمَعِّرُ وجهه بالتراب من خلال إذلال نفسه للآخرين، تحدثتم عن موضوع إذلال النفس بالطرائق المختلفة، الآن نأتي إلى ما يتصف به بعض الناس.. يتصف بعضهم بالكبر والتعالي ثم يدعي أن ذلك من صيانة النفس وعدم إذلالها، فما الفرق بين صيانة النفس وبين الكبر؟

الشيخ كهلان: طيب..
هو سؤالٌ مهمٌ جداً، نتمنى أن يكون له مساحة أوسع؛ لكن باختصارٍ شديدٍ أنا سوف ألخص ما ذكره صاحب كتاب ( صاحب الخلق الراقي ) تلخيصاً في الفرق بين هاتين الخصلتين: الصائن لنفسه يسعى إلى وقاية نفسه من كل ما فيه ذلها ومهانتها، فهو يعمل عملاً احتراسياً وقائياً-كما يُعبَّرُ الآن-.. يريد أن يقي نفسه من أن تقع فيما فيه مذلتها، أما المتكبر فإنه يتعالى على الخلق في نفسه وفي تعامله معهم.. يريد أن يُشبِع رغبة نفسه في التعالي على الناس.

الصائن لنفسه يصون نفسه دائماً أي مع الخلق أجمعين، المتكبر يتعالى على العامة ومن هم أقل منه، وقد يتعالى على أقرانه؛ لكنك تجده ذليلاً خانعاً حينما يتعامل مع من هم أعلى منه؛ لأنه لا ينطلق من مبدأ.. وهذا فارقٌ دقيقٌ ينبغي التركيز عليه، أي المتكبر تجد أن كبره لا يتعدى إلا من كان مثله أو طبعاً من هم أقل منه شأناً، أما من كان أعلى منه شأناً فإنه يندر أن يستطيع أن يتكبر ويتعالى عليهم، بل تجد أنه ذليلٌ أمامهم خانعٌ..

مقدم البرنامج: يتنازل عن تلك الصفة التي يتعالى بها على من هم دونه..

الشيخ كهلان: نعم..
الصائن لنفسه يتجنب سفاسف الأمور والمحقرات؛ تعظيماً للنفس التي عظمها الله عز وجل وكرمها-كما قلنا أول الحديث-، المتكبر قد يصدر منه ذلك.. قد يتجنب سفاسف الأمور؛ لكن حينما يفعل ذلك إن فعله فإنما يفعله اعتقاداً أنه أفضل من الناس، وترفعاً من أن يفعل ما يفعله غيره من عامة الناس، أما هذا لا يأنف حينما يصلي جماعةً في المسجد فإنه يصلي إلى جانب الفقير والمسكين والمحتاج وعامة الناس، أما هذا فإنه يترفع-المتكبر-فإنه يتعالى من أن يكون حاله كذلك.

مداخلة متصل خامس: أحببنا أن نشارك..
الحقيقة ذل النفس في هذا الوقت-لو نناقش بعض الأمور-مثل بحث المرأة عن الزوج سواءً عن طريق الهاتف النقال الذي انتشر أو عن طريق الانترنت، الحقيقة نلاحظ في بعض الأحيان أن يكون فيها ذلٌّ للمرأة التي كان ينبغي أن تصون نفسها في بحثها عن هذا الرجل بطريقةٍ عشوائيةٍ وبدون أن يكون عندها فكرة ربما تتعرض للذل في بحثها عن هذا الرجل عن طريق هذه القنوات المفتوحة كالهاتف النقال أو ما شابه ذلك.

مقدم البرنامج: هذا قد يكون من وجهة نظرك أخي.. نعتبره سؤالاً على كل حال..

المتصل: نعم هو كذلك.. ما نصيحة الشيخ لأولئك الفتيات؟
هذا هو سؤالي.. الله يبارك فيكم..

مقدم البرنامج: نعم.. مشكور على مشاركتك الطيبة.. شكراً جزيلاً.. الله يبارك فيك..
طيب تكملوا الموضوع لأننَا نريد أن نمر سريعاً على أسئلة الإخوة..

الشيخ كهلان: طيب، وأنا أكمل باختصار..
الصائن لنفسه من علاماته أنه يعرف الفضل لأهله، وينزِلهم منازلهم ولو كانوا أصغر منه سناً أو أقل مالاً وجاهاً، فإنه يُنزِل كل أحدٍ منزلته، أما المتكبر والمتعالي فإنه لا يرى أصلاً غيره، فهو متغطرسٌ متعالٍ؛ فلذلك لا يأبه بأهل الفضل ما دام في غنى عنهم، فإن احتاج إليهم كانت صفته الأولى التي ذكرناها: سوف يكون خانعاً ذليلاً لهم، وتزول عنه صفة التعالي والتكبر ساعتئِذ.

الصائن لنفسه هو دائماً مقتدٍ برسول الله-صلى الله عليه وسلم-في تواضعه، وفي خفضه لجناحه للمؤمنين.. لوالديه.. لسائر الناس أجمعين؛ لأن عزته في ذلك، عزته هذه من الكلمات كما يقال المتناقضة؛ لكنها في معناها.. في مآلها متحدة: الشرف والتواضع، فالتواضع يؤدي إلى الشرف، وهذا الشرف هو الذي نتحدث عنه من صيانة النفس وعزتها وكرامتها؛ لكن المتكبر نجد أنه قد يترفع عن أمورٍ حث عليها الشرع أو استحسنها؛ لكن يفعل ذلك لأنها تتعارض مع تكبره.. هي تتعارض مع تعاليه على الخَلْقِ.

الصائن لنفسه لا يتكلف.. بعيدٌ عن التكلف.. لا في مشيته، ولا في هندامه وهيئته، ولا في جلسته، أما المتكبر فسوف تجد أنه يتكلف، ويتكلف صوراً شتى.. أنواع من المشي، وأنواع من الأصوات، وأنواع من الهيئات بحسب الظروف والمناسبات، وهو متكلف في كل صوره، أما الصائن لنفسه فإن صيانته لنفسه تنبعث في الحقيقة من شرف نفسه، ومن عزتها وعلو همتها، في حين أن المتكبر متعالٍ كما يقول العلماء: إنما تنبعث من دناءة نفسه ومن خستها ومهانتها في الأصل، هذه هي أهم الفوارق التي تكون بين الصائن لنفسه وبين المتكبر.

مقدم البرنامج: جميل..
نأخذ الأسئلة-فضيلة الشيخ-في هذه الدقائق القليلة المتبقية.. ربما دقيقتان، ولنبدأ من الآخر إلى الأعلى-إن شاء الله- أي من الآخر إلى الأول، الأخ المتصل الثالث يقول: لكي يصون الإنسان نفسه هل مطالب أن يصون البيئة التي يعيش فيها؟

الشيخ كهلان: من اقتدائه برسول الله-صلى الله عليه وسلم-ومن حسن استقامته أن يدعو غيره إلى الخير، وأن يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، وأن يدعو إلى الله تعالى على بصيرة وبينة، فإن فعل ذلك فإنه صان نفسه، وصان بيئته ومجتمعه، بغض النظر عن النتيجة التي سوف يحققها.

مقدم البرنامج: سؤاله الثاني ربما جاءت إجابته ضمن كلامكم..
الأخ المتصل الثاني يقول ربما نتحدث عن صيانة أنفسنا في حين أن الأبناء يتعرضون إلى غروٍ إعلاميٍ وفضائيٍ، كيف نصون نفوس أبنائنا-باختصارٍ بسيط-؟

الشيخ كهلان: نعم..
وهو ذكر نقطة أنا أؤكد عليها مرةً أحرى هو صيانة النفس من ابتذال الجاهلين.. الآخرين، هذه تتحقق حينما يصون نفسه بالمنهج الذي وصفناه أو وصفنا بعضه أو أغلبه، فإنه بذلك من طلب رضا الحق بإسخاط الخلق كفاه الله تعالى مَؤُونَة الخلق، ومن طلب رضا الخلق بإسخاط الحق تبارك وتعالى سلط الله تعالى عليه الناس، فإذاً المسلم يبتغي رضا الله عز وجل، ويقدم رضاه، ويقدم طاعة ربه تبارك وتعالى على رضا الناس، وساعتها سوف تتحقق له بإذن الله تعالى صيانة النفس.

أما هذه النقطة التي سألت عنها من أسئلته ما يتعلق بالأجيال وتنشئتهم على صيانة النفس، فإن كل ما ذكرناه إما أن يكون مخاطباً به فيما يتصل بغير المكلفين، فالأولياء مخاطبون بتنشئة أولادهم عليه، وأما من كان في سن المراهقة أو شارف على التكليف أو مكلفاً فإنه ينبغي بإشرافٍ من والديه ومن المسئولين عن التربية ومن سائر الجهات المعنية عن الناشئة في المجتمعات أن تُعنَى بهذا الجانب، وأن تَغرِس: أن العزة الحقة إنما تكون في اتباع أوامر الله عز وجل، وصدق الإيمان به سبحانه.

مقدم البرنامج: طيب في نصف دقيقة الأخ المتصل الخامس يقول: ربما يهمل الأولياء البحث لبناتهم وموليتهم عن شريك الحياة-عن الزوج-فيندفعن إلى القيام بهذا الدور، هل هذا من إذلال المرأة؟

الشيخ كهلان: أما الاندفاع وبالشكل العشوائي الذي ذكره هو نعم هذا من الإذلال، أما أن تختار المرأة زوجاً لها، وأن يكون ذلك تحت إشراف وليها وبإذنه، وأن تدل وليها على رجلٍ كفءٍ فهذا مما لا يتعارض مع الشرع، ونحن نعلم أن بعض الصحابيات-رضوان الله تعالى عليهن-عرضن أنفسهن، ونجد أن من كبار صحابة رسول الله-صلى الله عليه وسلم- من عرض بناته على سائر الصحابة-رضوان الله تعالى عليهم-، فهنا المسألة مشتركة، الخطاب فيها للأولياء وللنساء؛ لصيانة النفس باعتبار المجتمع في هذا الإطار.

تعليق الأخ المتصل الرابع-بارك الله فيه-أنا أردت أن أختصر في هذا الموضع؛ لكن الحديث فيه جدالٌ طويلٌ، حتى الاستشهاد بقول الله تعالى: {... وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ...} (البقرة:195) في سياق هذا الحديث مردودٌ عليه بعدة أوجهٍ؛ لكن الخلاصة هو ما ذكرتُه من اتقاء ما يكون سبباً لدخول المرء في فتنة له في دينه أو لمجتمعه، فإن عدم دخوله هو الصيانة للنفس، ودخوله ساعتئذٍ فيما يجلب له الفتنة في الدين، أو يجلب لمجتمعه يكون فيه إذلالٌ لهذه النفس بنص حديث رسول الله-صلى الله عليه وسلم-.
.....
.......
..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
صيانة النفس
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» النفس اللوامة
» كلمات مؤثرة في النفس البشرية‏
»  الإرادة .... بين النفس و الضمير
» كلمات مؤثرة في النفس البشرية‏
»  الحديث إلى النفس هل يعتبر جنوناً ؟

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أنا الحب ال كان :: مشاكل المجتمع والاسره :: فضفضه-
انتقل الى: